... آنسة راكــ . مشرفه
عدد الرسائل : 151 العمر : 28 العمل/الترفيه : طالبهـ المزاج : الحــــــــ عنواني ــــــــزن البدن الدي تعيش فيه : رقم عضويه : 47 تاريخ التسجيل : 08/11/2008
| موضوع: ::حصن الذيد.. ذاكرة الطين والسعف:: الأحد نوفمبر 09, 2008 6:48 am | |
| حصن الذيد.. ذاكرة الطين والسعف
مدينة الذيد، تلك الواحة التي تحتضنها الصحراء، والتي عرفت بوفرة المياه وخضرتها وانتاجها الزراعي الذي طرقت به أبواب الخارج، حتى اوروبا حيث تم تصدير الفراولة إليها. واليوم هي على ابواب إقفال موسم من مواسم الخير والعطاء “موسم الرطب” وهو جني ثمار النخيل إحدى أهم اشجار المنطقة، والذيد “تعني الذود وهي جمع من الأبل في مرعاها” تحولت بفضل الله عز وجل وبالتوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم امارة الشارقة، إلى مدينة تعج بالحركة العمرانية في جميع النواحي، إلى جانب النمو السكاني الذي فاق 30 ألف نسمة مع النواحي والقرى التابعة لها، وزاد من اهميتها موقعها الذي أهلها لأن تصبح من أهم حلقات الوصل بين امارات الدولة، وهي بذلك تواصل قصتها مع القوافل التي استخدمتها في الماضي القريب كنقطة عبور في تجارتها وحلها وترحالها مستفيدة من موقعها وتوفر “الشريعة” وهي فلج الذيد.
خلف مركز الشرطة يتوارى حصن الذيد مجسدا حقبة من تاريخ امارة الشارقة، والذي لم يبق منه سوى برجين، بقيا يحدثان جيل الشباب عن حديث الزمان والمكان وماضي مدينة هو جزء من تاريخ القواسم أسياد البحار خلال العصور المنقضية.
عن هذا الحصن يذكر ناصر حسين العبودي الباحث في الآثار، في كتابه الموسوم “دراسات في آثار وتراث دولة الامارات” إن تاريخ حصن الذيد يعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي “1750م”، وهو مربع الشكل طوله 32 مترا وعرضه 26 مترا ومدخله من جهة الشمال ويقابل فلج الذيد “فلج الشريعة” وهو مجرى مياه في جوف الارض يتوسط الحصن تقريبا، ويتوزع حوله مجموعة من مزارع النخيل من جهة الشمال كون مخرج قناة الفلج في هذا الاتجاه، وكان لحصن الذيد الكثير من الاهمية السياسية، حيث عقدت فيه اجتماعات سياسية بين شيوخ المنطقة وبين مندوبي الدول المجاورة وشهد ايضا الكثير من المعارك الحربية.
أربع قلاع
والحصن قبل تهدمه، يتكون في أركانه من اربع قلاع ضخمة، اولى هذه القلاع مدورة وتتكون من ثلاثة اجزاء مبنية من حجر الجبال ووجودها بهذا الشكل يهدف الى تحصينها الدفاعي، لأن معظم المهاجمين والغارات تكون آتية من الجهة الجنوبية حيث الكثبان الرملية، وقد أضيفت على ما يبدو بعد فترة من اكتمال الحصن.
القلعة الثانية تقع شمال الاولى قرب طوي “بئر” اليفر، وهي مدورة ايضا وتتكون من جزأين والقلعة بلا باب وهذا الشكل من الابراج يوحي ان طابقه الارضي استخدم كسجن.
تقع القلعة الثالثة في الركن الغربي من الحصن وهي مربعة الشكل، وتتكون من جزأين مشكلة طابقين، أرضي وأول مع شرفة، وهي مخصصة للدفاع عن الحصن لما تمتاز به من فتحات في جوانبها الاربعة، أما القلعة الرابعة فهي مربعة الشكل ومن ثلاثة ادوار، وللحصن سور يصل القلاع بعضها بعضاً ويكون ملتصقا بالأبراج المدورة والمربعة.
حمد سعيد من أهالي الذيد يغوص في أعماق الماضي متحدثا عن الحصن بقوله: “الحصن قديم منذ مئات السنين، ويقال انه بني في عهد الشيخ صقر بن خالد القاسمي “1883م” أحد حكام الشارقة وكانت إحدى القلاع ترفع عليها راية القواسم، وفي الحصن على ما اذكر عدد من المدافع لحمايته من الغارات، وقد تم جلب مادة الطين والأحجار المستخدمة في البناء من منطقتي كدرة والمليحة وكانت تنقل في الجفير “سلة مصنوعة من سعف النخيل” على ظهور الجمال وتستغرق الرحلة يوما كاملا ذهابا وإيابا، في حين تمت الاستفادة من الخوص “سعف” وجذوع النخيل المتوافرة بكثرة في جوار الحصن في بناء الاسقف وتدعيم المبنى، وكان يتم تعيين والي الحصن من قبل حاكم الشارقة، والذي يشرف كذلك على ممتلكات الحاكم الموجودة في مدينة الذيد، وكثيرا ما كان يستخدم للتحصن فيه “الحصن” من الغارات والغزوات بين القبائل في العهود السابقة، قبل استتباب الأمن والتطور والازدهار الحالي الذي ما كان ليحصل لولا القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة واخيه صاحب السمو حاكم الشارقة - حفظهما الله -.
ويضيف حمد إن في الذيد ايضا قلعة في الطرف الآخر من مزارع النخيل وأخرى تطل على وادي الذيد والتي كان بجانبها مخازن “السح” التمر، إلى جانب مسجد قديم مبني من الطين وسط مزارع النخيل والمعروفة بين الأهالي ب “الذيد القديمة”.
عبدالعزيز محمد من أهالي الذيد عاصر مراحل من استخدام الحصن، يقول: الحصن كان استراحة للحاكم اثناء قدومه لرحلات القنص أو المصيف وكذلك لاستقبال الزوار أي ما يمثل دار الحكومة، وكان عدد غرفه تزيد على اربع، اكبرها كانت مخصصة للحاكم والباقي للحاشية والحرس، ويتولى حراسته عدد كبير من الحرس الذين ينتمون إلى منطقة الذيد بالإضافة الى عدد من العمانيين.
وللدفاع عن الحصن هنالك مدفعان، واحد داخل الأسوار والآخر في الخارج أمام البوابة الوحيدة للحصن المكونة من جزأين وهي من جهة الشرق، ويضم الحصن “ساحة الحصن” من الرمل المخلوط بالطين بهدف تماسكه، وتتمركز في وسطه شجرة سمر كبيرة ترتوي من ماء الشريعة وذات ظل وارف، ومنذ ستينات القرن الماضي انتهى دور الحصن تقريبا، وقد تأثر الحصن خلال العقود الماضية كثيرا جراء السيول والامطار والعواصف التي ضربت ا المنطقة والتي هدمت اجزاء من القلاع والأسوار إلى ان وصل به الحال إلى ما هو عليه الآن.
رمز تراثي
من شباب الذيد يقول محمد عبدالله عن الحصن “انه مبنى تراثي ويرمز الى اهمية مدينة الذيد عبر التاريخ ونرجو ان تمتد اليه يد الترميم، ومن ثم تحويله الى قرية تراثية أو إلى متحف، حيث ان امارة الشارقة تفخر بكونها عاصمة الثقافة والمتاحف، والمنطقة الوسطى “الذيد والمناطق المجاورة لها” لا يوجد فيها متحف، والحصن أفضل مكان لإنشاء ذلك المتحف أو القرية التراثية التي سوف تسهم في إثراء المواسم والمهرجانات التراثية والثقافية المتعددة التي ترعاها الإمارة”.
بينما يرى خليفة سالم ان الحصن ذو مكانة أثرية كبيرة للمنطقة، ويثني على ما قاله محمد عبدالله. ويضيف: انه لم يكتب لنا ان نرى الحصن في كامل صورته، لذا فإنني حين اريد الاطلاع ومعرفة المزيد ألجأ الى والدي لكي يزودني بمعلومات عن الحصن وعن حياة الآباء والأجداد في العصور الماضية، ويقول: الحصن يؤرخ لحقبة زمنية من تاريخ دولتنا، وهو والمنطقة يمثلان بيئة مصغرة لما كان عليه الحال في الامارات من الحياة الصعبة والقاسية.
ويضيف: انه لشيء جميل ان يرمم لحصن ومن ثم يحول والمنطقة المجاورة له إلى ساحة تراثية وأثرية، بعدما يتم نقل مركز شرطة الذيد إلى المبنى الجديد في المنطقة التي نقلت إليها جميع ادارات ومؤسسات امارة الشارقة في مدينة الذيد الى شارع وشاح، مما يمكن الاستفادة بقدر اكبر من الحصن والمناطق من حوله في متحف، والساحات في اقامة المهرجانات التراثية والثقافية، ويستفاد منه في السياحة وزيارة طلاب المدارس وكذلك للباحث عن عبق الماضي.
للحصن نصيب من الشعر ايضا حيث وجدنا هذه الأبيات عند “شواب” كبار السن في الذيد.
في حصن الذيد عند اليفر
مريت على ناس في قصر
مالهم شبيه في البشر
لا في بوادي ولا حضر
تـــحـــيـــاتــــي.
| |
|